كتب/احمدعمارالشطورى
أحزنني كثيراً مقال نشر في إحدى الجرائد السورية الجديدة، يحاول أن ينهش في عرض الأزهر الشريف، ويكيل له الاتهامات، ويصفه بأنه سبب بلاء الأمة وضعفها، فتمنيت أن يعود الشيخ الجليل عبدالحليم محمود شيخ الازهر إلى الحياة حتى يرى تلك الهجمات المتلاحقة على الأزهر الشريف، التي تنكر ما للأزهر من فضل على كثير ممن خلق الله، وكثير من البلدان الإسلامية وغير الإسلامية. ولست هنا أحاول أن أنكر ضعف دور الأزهر في الوقت الحالي، والذي نتحمل جميعاً مسؤوليته، وضرورة إحياء دوره من جديد، فكلما كان الأزهر في ضعف كانت بلداننا في هوان، وكلما خفت نوره تجرعنا من كؤوس تذيقنا طعم المرارة والذل. علم الغرب ما للأزهر من قوة وقدرة على تحريك الشعوب الإسلامية، فهو المرجعية الأشهر للمسلمين في مختلف أنحاء العالم، وكان كلام علمائه وقود الثورات، وكانت خطبهم بداية الانتصارات، فحاول الاستعمار جاهداً التشكيك فيه تارة واختراقه تارة أخرى، فبدأ بإضعاف هيبة علمائه عن طريق إعلام يصور علماءه على أنهم يبحثون عن الطعام، أو يتنطعون في الكلام كما شاهدنا في الأفلام والمسلسلات، ثم قاموا بتوكيل من يتحدث باسمه وهو منه براء فيخرج فتاوى لا تمتّ للدين بصله بحجة الاجتهاد، كفتوى أحدهم بجواز شرب السجائر في نهار رمضان، وفتوى أخرى للرجل نفسه عن عدم فرضية الحجاب بل والأدهى أن الرجل ادعى أن سبب تخلفنا في الحجاب، وعندما لم يسمح شيوخ الأزهر كي يخرصوه بردودهم، على مسمع من الناس، تمادى فقال أن الصلوات الخمس ما هي إلا صلاتان فقط, وهذا أخطر ما يمكن أن يفعله الاستعمار، أن يزرع من أبناء جلدتنا من يحاولون أن يهدموا الأزهر الشريف باسم حرية التعبير والديمقراطية تارة، والتفريط في تعاليم الدين تارة أخرى، محاولين أن يحاكموا الأزهر بذنب أديان أخرى. واستخدموا فتوى من أحد من انتسبوا له كي يسوموه سوء العذاب، ويكونوا معاول هدم منارة العلم الشرعي في بلداننا، وتناسوا عن عمد أن أول من وقف في وجه تلك الفتاوى علماء أزهريون، بالحجة، والقول السديد، ولم يكن لهم ولا لغيرهم فضل في إخراس تلك الفتاوى الشاذة، بل كان الأزهر أول من تصدى لها . نسي من هاجموا الأزهر كيف كان دوره الحيوي في مواجهة الاحتلال، وكيف كان الأزهر منارة العلم والثورة، في وجه الأعداء، وكيف كان مصدر الاعتدال والوسطية، فخرج علينا من لا هم لهم إلا التشكيك فيه وفي علمائه، فكتبوا وصاحوا، وكانوا كمن أُسند إليه مهمة تكميم أفواه علمائه، نسوا أن عدونا جميعاً هو الاستعمار، وعملاؤه، فلم يخرجوا لنا ربع ما أخرجوه من نقد لعلماء الأزهر عن الاحتلال والصهيونية، والعهر والدعارة، وغيرها من مسميات الاستعمار البغيض التي يجب أن يتحدثوا عنها. لم يسمعوا بكلام الغربيين ممن هداهم الله للإسلام عن الأزهر وتوقيرهم له وتمنيهم أن يسجدوا لله سجدة فيه، و نسوا أن الأزهر كان له الفضل كما يقول د. عبد الله إمام رئيس لجنة الإشهار بمشيخة الأزهر الشريف أن هناك أكثر من مليون و مائتي ألف أشهروا إسلامهم خلال السنوات العشر الأخيرة طبقا لإحصائية أصدرها الأزهر الشريف أخيرا وأضاف أن الغالبية العظمى من المسلمين الجدد الذين أشهروا إسلامهم أخيرا من أوروبا وتحديدا أوروبا الشرقية وتأتي الولايات المتحدة الأميركية في المركز الثاني ثم أميركا الجنوبية ودول شرق آسيا ثم أفريقيا وهو بذلك يهدد سلطانهم. إن خفوت صوت الأزهر ليس في مصلحتنا وإنما في مصلحة الإفراط والتفريط، فبخفوت صوته سيخرج علينا دعاة العهر ودعاة القهر، فدعاة العهر لن يجدوا من يخرس ألسنتهم، ودعاة القهر لن يجدوا من يرفع سياطهم المسلطة على ظهور الضعفاء. وأكرر أنني لا أبرر ما يحدث من تراجع لدور الأزهر الشريف, وإنما أدعوكم جميعاً للوقوف مع عملية إصلاح الأزهر الداخلية، التي تبدأ بانتخاب شيخه، وهيئته العليا، و التي يتبناها علماء أجلاء نحترمهم ونقدرهم في جبهة علماء الأزهر أو في غيرها من قيادات علماء الأزهر التي تسعى لإصلاحه، فلا إصلاح للأزهر من دون علمائه، ولا إحياء لدوره من دون دعمكم جميعا فهو منكم ولكم فكونوا معه لأنه ما بقي لنا من الوسطية والاعتدال